لم تعد قضية التغيرات أمر رفهياً بل أصبحت واقعاً فعليا، تأثير ملموس على الجميع، وعلى كافة دول العالم، لتؤكد أن الطبيعة أقوى من أي تقدم، فقد اجتاحت ، كاليفورنيا وأستراليا وحتى سيبيريا، وفيضانات طالت غرب ألمانيا وهولندا وبلجيكا، ولا أحد بعيد عما يحدث مستقبلاً مهما كان التقدم، لذا تتجه أنظار العالم نوفمبر المقبل إلى مدينة السلام شرم الشيخ، حيث قمة المناخ العالمية ،COP27 ” ، منتدي العلم للمناخ باعتباره أكبر وأهم مؤتمرات الأمم المتحدة من حيث عدد المشاركين ومدة الانعقاد وهي القمة التى تجمع قرابة 30 ألف مشارك من 196 دولة حول العالم، وهناك أمل ممزوج بالتفاؤل بأن تخرج القمة بتوصيات ملموسة وواقعية تكون خارطة طريق لمواجهة التغيرات المناخية وتداعياتها الحالية، ولكن تُعقد القمة وسط تحديات كبيرة من أزمة طاقة عالمية اجتاحت أوروبا، والمخاوف من استخدام الفحم في شتاء أوروبا وما يؤديه من تلوث، وأزمة روسيا وأوكرانيا، وما أعقبها من تداعيات سلبية في الغذاء وضعف سلاسل الإمتداد كلها مسائل تفرض نفسها على القمة.
وكان اختيار مصر لاستضافة القمة العالمية للمناخ ليس من فراغ وإنما لجهود تبذل لمواجهة تلك الظاهرة، حيث إن مصر من أكثر الدول النامية تأثراً بالتغيرات المناخية رغم قلة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فمنذ مؤتمر المناخ في باريس 2016 ، ومصر تعمل على مشروع لاستبدال وسائل النقل القديمة بأخرى حديثة تعمل بالغاز الطبيعى، وترشيد الطاقة وأبرزها استخدام الغاز، فى الأتوبيسات بدلا من البنزين ومراجعة قانون البيئة لاستحداث التغييرات المناخية، والتوسع في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة خاصة بعد النجاح الكبير الذي تحقق من إنشاء مجمع بنيان للطاقة الشمسية بقدرة 1465 ميجا وات، وهو أكبر تجمع لمحطات الطاقة الشمسية بالعالم، ومشروعات تعاون تخدم أهداف التحول الأخضر، ومنها على سبيل المثال إحلال محطات توليد الكهرباء القديمة بمحطات توليد للطاقة الجديدة، وتعكف فى الوقت الراهن على إعداد استراتيجية شاملة للهيدروجين.
وتسير مصر نحو “الاقتصاد الأخضر” باعتباره أحد وسائل تحقيق التنمية المستدامة، ولأجل ذلك قررت الحكومة أن تكون 50% من معايير الخطة للدولة تتوافق مع المعايير البيئية، لدمج البعد البيئي في مشروعات الوزارات الأخرى، حتى تصل 50% من مشروعات الوزارات المختلفة لمشروعات خضراء خلال الفترة المقبلة.
ووضع الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال زيارته الأخيرة لألمانيا والمشاركة في حوار بطرسبرج “العالم أمام مسؤولياته تجاه تلك القضية المهمة وهي التغييرات المناخية، وتنعكس أهمية الحوار أنه يأتي قبل قمة المناخ العالمية والنقاشات الواسعة حول قضية التغيرات المناخية حيث أكد الرئيس السيسي بقوله في حوار بطرسبرج: ” كل التقديرات والتقارير العلمية بشكل واضح أن تغير المناخ بات يمثل تهديداً وجوديا للكثير من الدول والمجتمعات على مستوى العالم على نحو لم يعد ممكناً معه تأجيل تنفيذ التعهدات والالتزامات ذات الصلة بالمناخ، خصوصا وقد أجمعت الأطراف كافة على أن الأولوية خلال المرحلة القادمة هي لتنفيذ اتفاق باريس وتحويل المساهمات المحددة وطنياً إلى واقع فعلى فى إطار المبادئ الدولية الحاكمة لعمل المناخ الدولى”.
ومن هنا فإن قضية التغيرات المناخية تحتاج إلي تكاتف وتضافر كل الجهود للحد من تداعياتها وتأثيراتها المقبلة، وقبل فوات الأوان، فالتحذيرات والمخاوف من مزيد في إرتفاع درجات الحرارة نتيجة الانبعاثات وستكون نتائجه وخيمة على جميع.
في ختام ما بدأت، ورغم كل التحديات والظروف التي تنعقد فيها قمة المناخ العالمية، إلا أنها ستخرج بتوصيات ونتائج علي أرض الواقع ترفع من سقف مواجهة التغيرات المناخية، لمواجهة هذا المتغير الصامت الذي ينطق بارتفاعات درجات الحرارة والحرائق، والصقيع وانخفاض درجات الحرارة والثلوج في مشهد غير مألوف على الطبيعة البشرية قبل الثورة الصناعية.